ما الإرهاب؟

تستطيع مصطلحات أن تغير أفكار الناس وعقلهم، و تلك الظاهرة واضحة جدًا في سياسة الحكومة المؤقتة المصرية الآن، ولكن لم تبدأ هذه التكتيكات في مصر، وفي الواقع بدأت في أمريكا بعد ١١ من سبتمبر. استخدمت حكومة بوش نفس المصطلحات لكي تقنع الأمريكيين بأن يشجعوا الحرب في الشرق الأوسط خاصة في العراق. من الواضح في خطاب عقب الهجوم على مركز التجارة العالمي أنّ حكومة بوش استغلت خوف الأمريكيين وحزنهم لتعزيز «الحرب ضد الإرهاب»، ولكن لم تعرّف معنى «الإرهاب» إلا بإحداث العنف.

كما نعرف، شنّت حكومة بوش «حربا ضد الإرهاب» في أفغانستان، و بعد سنتين استخدمت نفس المصطلحات لشنّ غزو على العراق. ولكن آنذاك تغيرت الظروف، وفي الحقيقة كان سبب الحرب مصالح أمريكا قي الإقليم، ليس «الإرهاب»، مصالح أمريكا كانت اقتصادية وأيديولوجية، ولكن ما زالت الحكومة الأمريكية تستخدم تلك المصطلحات لأن صورة هذه المأساة مازالت حاضرة في عقل الشعب، وإذا كان هناك خطر ضد أمان أمريكا، فسيشجع معظم الناس الحرب؛ فرسم بوش صورة الخطر الفوري ضد أمريكا بسبب القنبلة النووية الوهمية، ووافق معظم الناس على الحرب.

خلال هذه الفترة تجاهلت أمريكا دور الغرب في خلق الإرهاب الحديث؛ لأنها شجعت سياسة إرهابية إسرائيلية، و بسبب عدم الوفاء بالوعود مع الدول العربية بعد الحرب العالمية الأولى، وبدلا من ذلك اتهمت أمريكا الإسلام وأسامة بن لادن بالإرهاب ونقص الديمقراطية‎. في الحقيقة هناك خلافات مشروعة في بداية ظاهرة الإرهاب، وعندما لا توجد قنوات قانونية للتعبير عن الشكاوى أو لتغير النظام الحالي, يظن بعض الناس أنّ الإرهاب هو الطريق الوحيد لحلّ المشكلات في دولتهم. بالطبع هذه الأفكار ليست صحيحة، ولكن تعكس الواقع.

و لذلك أصبح معنى «الإرهاب» أي عنف ضد مصالح الدولة. وفي السياق المصري، أخذت الحكومة المؤقتة مصطلح الإرهاب واستخدمته ضد خصومها السياسيين (خاصة الإخوان المسلمون)، و بعد وقت استخدمته ضد أي ناشط يعارض «خارطة الطريق»، بالتأكيد الإرهاب موجود في مصر، وربما يصدر من متطرفين في الإخوان (لكن وجود عناصر متطرفة في أية منظمة لا يعني الحكم على المنظمة بالتطرف)، ومثلما يحدث في أمريكا تتجاهل الحكومة دورها في خلق الإرهابيين و المتطرفين. طبعا هناك خلايا من القاعدة في سيناء، و يجب على الجيش أن يحاربها، ولكن عندما تسمي الحكومة كل الناس الذين يعبرون عن آرائهم ضد سياسة الحكومة «إرهابيين»، تقف في وجه الحرية، وتغرس بذور تدميرها المستقبلي.

والعجب أن الناس الذين يدّعون أنهم يحاربون الإرهاب يصبحون إرهابيين أسوأ من الإرهابيين الذين يحاولون أن يدمّروهم. بدون شك الإرهاب موجود في العالم وهو خطير جدا على مستقبل الناس ورفاهيتهم، ولكن «الحرب ضد الإرهاب» ليست الحل في أمريكا أو أية دولة. السلاح الوحيد الذي يقدر أن يدمّر الإرهاب هو الحق والحب.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

Blog at WordPress.com.

%d bloggers like this: